قرية SOS الصبورة – آذار 15 2018

الغوطة الشرقية بكلمات الطفل

تم استقبال هناء وعبدالله ، الشقيقان اللذان يبلغان من العمر 11 و 9 سنوات في قرية SOS الصبورة في الخامس من آذار 2018 بعد هروبهما من منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة.

استقبلت قرى الأطفال SOS في الصبورة الشقيقين هناء البالغة من العمر أحد عشر عاماً وعبدالله وعمره تسعة أعوام في 5 آذار من عام 2018 بعد هربهم من المناطق المحاصرة ضمن الغوطة الشرقية متعرضين لإطلاق نار عند محاولتهم الخروج عبر الممرات الإنسانية مع والديهم. تمكن عبدالله وهناء من الفرار والنجاة ولكن لم تردنا أي أخبار عن الوالدين للأسف. فور وصولهم إلى القرية أجرينا لهم الفحوصات الطبية وكانت نتائجها مطمئنة بعدما تبين أن أوضاعهم الصحية جيدة وما كان ينقصهم هو التغذية السليمة . أما على الصعيد النفسي  فقد بدوا بحالة جيدة وتصرفوا على نحو طبيعي خلال أوقات النهار ولكن ظهرت عليهم بعض أعراض الصدمة في الليل مثل الكوابيس. سوف يخضع الطفلان خلال الأشهر المقبلة إلى جلسات الدعم النفسي بغية معالجتهم من آثار الصدمات النفسية التي تعرضوا لها في الفترة السابقة، علاوةً على بداية اعتيادهم بصورة تدريجية على  بيئة حياتهم الجديدة في قرية قدسيا فقد اشتركا في نشاطين في القرية الأسبوع المنصرم و رافقا مرةً أمهم البديلة إلى التسوق .

استطعنا التحدث مع هناء بعد بضعة أيامٍ من وصولها إلى القرية وأخبرتنا بقصتها في الحوار الآتي.

 

متى قررتم مغادرة الغوطة الشرقية ؟

حاولنا الخروج من الغوطة الشرقية مرات عديدة خلال النهار ولكن باءت محاولاتنا بالفشل لأن الوضع هناك كان بالغاً في الخطورة. إلى أن تملك والدي الغضب الشديد إزاء الوضع الأمني وعزم على مغادرة المنطقة فأخبر والدتي عن رغبته بمعاودة المحاولة خلال الليل حتى لا يرانا أحد. قابلت والدتي اقتراحه بالرفض واعتلاها الخوف ولم ترد التحدث عن كل ما يتعلق بهروبنا، استمرت نقاشاتهم لبضعة أيام قبل عقدهم العزم على هروبنا في الليل.

ماذا حدث عندما غادرتم في الليل ؟  

أشار والدي إلى أن نركض ما دمنا قادرين على ذلك أو أن نزحف عند عدم قدرتنا، بيد أنه شدد على عدم توقفنا عن المتابعة مهما حدث وهذا ما حصل بالفعل. غادرنا المنزل في منتصف الليل بدون ان نصطحب أي شيء معنا، وواصلنا المشي بسرعة كبيرة إلى أن وصلنا لمنطقة أشار إلينا والدي بالتوقف فيها بضع دقائق حيث كان ينتظر أن نعبر إلى الجهة المقابلة للشارع ونمشي على جانب  جدران البناء المهدمة. وقد قاربنا جداً دخول الممر الإنساني قبل أن تبدأ أصوات إطلاق النار فانتابنا الذعر في تلك اللحظة وركضنا بسرعة باستثناء والدتي التي كانت أبطأ منا، ثم صرخت بصوتٍ عالٍ وهوت على الأرض فتأكدت أنها قد أصيبت بطلق ناري، فعاد والدي ليحملها وصاح  بنا بأن نكمل جرينا.   فركضنا بدون أي تفكير حتى وصلنا إلى الأشجار المجاورة وشرعنا بالزحف لكي لا نتعرض للإصابة بإطلاق النار الكثيف حولنا. لا أعلم ما حدث لوالدي بعد ما هتف لنا بمتابعة الجري واختفى صوته بعد ذلك. 

أكملنا الزحف إلى أن قطعنا الممر الإنساني فرآنا أحد الجنود ثم أحضرنا إلى نقطة أمنية قريبة تحوي على الكثير من الجنود الآخرين. كنت أرتعش أنا وأخي من شدة الخوف وبالكاد استطعنا الإجابة على أسئلتهم الموجهة إلينا، كنت قادرةً على التكلم قليلاً ولكن أخي لم يكن كذلك. 

كيف كانت الحياة ضمن المنطقة المحاصرة في الغوطة الشرقية ؟

عشنا تحت الحصار لسنوات عديدة قبل الهرب ويمكنني القول بأن مظاهر الحياة كانت معدومة في ذلك المكان. كان الوضع مخيفاً للغاية ولم يمر يوماً واحداً بدون حدوث تفجيرات أو وقوع قذائف على المنطقة وبعد فقداننا لمنزلنا هناك أرغمنا على الانتقال إلى أمكنة أخرى. الوضع المعيشي كان فادحاً وعند تساقط القذائف علينا كانت والدتي تضمنا إليها بأقصى قوتها لدرجة أن أكتافنا كانت تؤلمنا. لا أصدق أننا نجونا من كل هذه التفجيرات فقد خسرت ثلاثةً من أعز أصدقائي في شهرٍ واحد وفقد أخي صديقه المقرب أيضاً على إثر تلك التفجيرات.

متى توقفت عن الذهاب إلى المدرسة ؟

بلغت الحادية عشر عاماً الآن و يجب أن أكون تلميذة في الصف الخامس وأخي في الصف الثالث إلا أننا تركنا المدرسة بعد أن ألحق بها الدمار منذ عامان.

 

هل واجهتم صعوبة في تأمين الطعام أثناء وجودكم في المنطقة المحاصرة ؟

تحتم على والديّ العمل لساعاتٍ طوال كل يوم في حصاد البقدونس مقابل أجر يومي مقداره 2000 ل.س فقط (ما يعادل 4 دولار) الذي لم يكن يكفينا بسبب الغلاء المرتفع حيث أن سعر الكيلو من السكر يبلغ 3000 ل.س (ما يعادل 6 دولار). فضلاً عن القذارة المنتشرة وانعدام الخدمات الطبية فقد فارق الكثير من الناس الحياة نظراً لعدم قدرتهم على الحصول على الدواء أو العمليات الجراحية العاجلة. كان والدي دائماً ما يعبر لوالدتي عن عدم مبالاته بنفسه ولكن لم يرغب لنا أن نستمر بعيش مثل هذه الظروف القاسية إذ كان يردد دائماً أن الموت أفضل من هذه الحياة.

ماذا حدث بعدما هربتم ؟

أمضينا يوماً في منزل أحد أقاربنا في دمشق وفي اليوم التالي جلبوا لنا بعض الملابس  وأحضرونا إلى قرى الأطفال SOS . أعيش الآن مع أخي وأربعة أطفالٍ آخرين تحت رعاية ماما وردة. وعبرت لي عن مدى سعادتها بإقامتي معها لأن جميع الأطفال في المنزل هم من الفتية، إنها في غاية الجمال واللطف. عرفتني عقب وصولنا على الفتيات المقيمات في المنزل المجاور في القرية وأصبحت أزورهن بشكلٍ يومي.

كيف وجدتم قرية الصبورة SOS ?

لقد فوجئت عند قدومي إلى القرية بجمالها الأخاذ والنظافة العامة، وغرفتي جميلة جداً ولها إطلالة رائعة أيضاً. وأخبرتني ماما وردة أنني سأعاود الالتحاق بالمدرسة بدءاً من أيلول المقبل ولسوء الحظ لا يمكنني الانضمام حالياً إذ أننا في منتصف الفصل الدراسي الثاني والذي على وشك الانتهاء قريباً وستتبعه العطلة الصيفية. ونظراً لأنني الفتاة الوحيدة في المنزل فيوجد ثلاث أسِّرة متبقية في غرفتي ولهذا تلازمني ماما وردة في فترة نومي في الغرفة ذاتها حتى أشعر بالأمان أكثر بعد أن أخبرتها أن في العديد من المرات تراودني أحلام عن أمي وهي تنزف مستلقيةً على الأرض.

ما هو أكثر شيء تحبينه في القرية

أحب صديقتي منار التي تقيم بجانب منزلي وأحب الكثير من الأشياء هنا في القرية فهو مكان جميل والجميع غاية في اللطف معنا.

تم تغيير أسماء الأطفال حمايةً للخصوصية.