السيدة شرايتير مديرة لمنزلٍ يضم لاجئين قصَّر غير مصحوبين في مدينة ابريشسدروف في النمسا تم افتتاحه في تشرين الأول من عام 2015 ،ويأوي 14 طفل من سوريا وأفغانستان تتراوح أعمارهم بين التاسعة والثامنة عشر. وتقول شرايدر "جاء الأطفال إلى هنا بعدما أجبروا على الفرار من بلادهم لأسبابٍ عديدة أملاً بالحصول على حياةٍ يسودها الأمن والسلام والتمتع بتعليمٍ جيد وفرصةً لتطوير ذاتهم، الأشياء التي لم يكن ممكناً تحقيقها في بلادهم".
ويعد المنزل الواقع جنوب فيينا واحداً من 14 منزلاً في النمسا لاستقبال اللاجئين الواصلين إلى البلد الغير مصحوبين بذويهم أو مقدمي الرعاية وتقول السيدة شرايتير " يتمثل هدفنا في نشأة الأطفال ضمن بيئة شبه أسرية حيث يمكنهم الإحساس بالطمأنينة والاسترخاء وأن يشعروا وكأنهم في ديارهم. كما سيكون هذا المنزل فسحةً يعبرون فيه عن حزنهم أو غضبهم ، حنينهم إلى وطنهم أو اشتياقهم لذويهم"، وتضيف شرايتر بأنها تصبو إلى تمتع الأطفال بحياة كريمة وطبيعية قدر الإمكان يستطيعون بعد تأديتهم لواجباتهم المدرسية اللعب وممارسة الرياضة أو ركوب الدراجات بصحبة أصدقائهم وجيرانهم من المجتمع المحلي.
إن السيدة شرايتر فرداً من فريق متعدد الثقافات مكوناً من ستة عاملين يعكفون على رعاية الأطفال وأحياناً ما يصطحبون شركائهم وأطفالهم إلى المنزل وتقول "يوجد أحد منا هنا دوماً على مدار 24 ساعة حتى لو لم نكن على رأس عملنا ولكننا موجودون لمساعدتهم ورعايتهم كما لو أننا نفعل ذلك تجاه أطفالنا. ومثلاً عندما يحتاج طفل ما لشخص يرافقه إلى المستشفى أو إذا لم يستطيع اللحاق بالحافلة للعودة للمنزل وأراد أحد منا أن يوصله فنكون جاهزين لمساعدتهم". و مثلما الكثير من العائلات نشهد تقلبات ولكن أكثر ما تتطلع إليه أندريا هو افتخار الأطفال بإقامتهم في المنزل واحتضانهم جميعاً من المدرسة والجيران والمجتمع المحلي.
وأكثر ما يدخل على قلبها السرور أيضاً هو الصلات الوطيدة التي نمت بين الأطفال المترعرعين معاً كالإخوة والأخوات وبرغم قدومهم من بلاد مختلفة وانحدارهم من مختلف الأصول والعائلات إلا أنهم يكنون كل الاحترام والرغبة بمساعدة بعضهم البعض. فإذا شعر أحدهم بالمرض واحتاج مساعدة طبية سيرافقهم أحد الأطفال وسيبقى باقي الأطفال متيقظين ليطمئنوا عن حاله ومثلما حال العديد من العائلات فقد يتجادل ويتعارك الأطفال فيما بينهم وقد ينحاز بعضهم إلى طرف آخر منهم بل حتى سيتركون غرفهم الخاصة وينامون في غرف أخرى. ويعبّر فتى من سوريا وعمره ستة عشر عاماً حيث يقيم ذويه حالياً في تركيا عن سعادته بقوله " كل شيءٍ على أحسن ما يرام هنا ولدينا كل شيء بحاجةٍ له".
ويضيف "أخوه" القادم من سوريا ذو الخمسة عشر عاماً "نعيش كأننا عائلة طبيعية وأعامل مقدمي الرعاية مثل والدي وبقية الأطفال مثل إخوتي. الوضع رائعٌ جداً وأحب أجوائنا العائلية والأوقات الجميلة التي نقضيها على الرغم من مجادلتي أحياناً مع مقدمي الرعاية. الحياة في النمسا تروقني كثيراً ولا نصادف أي مشكلات فيها بل أننا نذهب لقضاء العطلة مرتين في السنة". وتقول فتاة في التاسعة من العمر من أفغانستان أنها تحب الإقامة في المنزل ولكنها تحبذها بدون إشراف مقدمي الرعاية حتى تستطيع تناول المقرمشات ومشاهدة التلفاز طوال الوقت. يقيم معها شقيقها ولكنها تقول أن والديها وأشقائها الأربعة ما يزالون في أفغانستان حتى الآن وتضيف" تعجبني غرفتي لأنني أشعر بالأمان فيها. لا أحب اللعب مع الدمى بل أفضل لعب كرة القدم كما أنني أقضي وقتاً ممتعاً في المدرسة". يبقى معظم الأطفال على اتصالٍ مع ذويهم وفي حال ورود أخبارٍ سيئة من بلدهم يتأثر به جميع الأطفال في المنزل. وتقول السيدة شرايتر "عندما توفي والد الطفلين في أفغانستان كان وقعه رهيباً عليهم، حزنوا جميعهم وساورهم القلق إزاء وضع الوالدة وكيف قد تتغلب على الشدائد وحيدةً هناك"
ومع ذلك تعمل السيدة شرايتر مع فريقها على ضمان منح الأطفال أوقاتاً سعيدة عوضاً عن الأحزان والمآسي في هذا المنزل الصاخب وتعبر عن ذلك بقولها "نحن نقيم الكثير من الاحتفالات هنا من أعياد الميلاد أو عندما نستقبل طفلاً أو يغادرنا من المنزل أو حين يستلم الأطفال تقاريرهم المدرسية. لدينا الكثير من الأشياء لنقوم بها بوجود العديد من الأطفال".