Yasser is a twelve-year-old child who had to flee Syria with his family.
الأردن – آب 7 2018

التعليم هو حق من حقوق الطفل

سلبت الحرب الأهلية في سورية كل شيء من ياسر بدءاً من منزله وأصدقائه وحتى صحته البدنية ولهذا لن ندخر أي جهدٍ لضمان عدم حرمانه لمستقبله أيضاً.

سلبت الحرب الأهلية في سورية كل شيء من ياسر بدءاً من منزله وأصدقائه وحتى صحته البدنية ولهذا لن ندخر أي جهدٍ لضمان عدم حرمانه لمستقبله أيضاً.

كان ياسر قد بلغ التاسعة من عمره عندما أصيب بجروح بليغة إثر انفجارٍ تعرض له لجأت بعده العائلة إلى الهرب إلى الأردن سعياً وراء الأمن والحماية إلا أن الفرار من الحرب لم ينهي مصاعب ياسر ولم تكن حياة اللجوء بالحياة السهلة بل تخللها كفاح العائلة المتواصل أملاً في إيجاد فرصة عملٍ أو منزل يقطنون فيه. عندما قابلنا ياسر للمرة الأولى في عام 2017 لم يكن قد التحق بالمدرسة منذ ثلاث سنوات فاقداً الأمل كليّاً بالعودة إلى وطنه.

من المؤسف أن قصة ياسر لم تكن الوحيدة فاستطعنا من خلال عملنا في دعم الأطفال وعائلاتهم حول العالم رؤية المشقات التي يقاسيها اللاجئين بشكلٍ مباشر عند محاولاتهم في أن يتمكن أطفالهم من الحصول على تعليمٍ لائق. وإن مجرد تأمين الغذاء الكافي والماء النظيف والمأوى آمن لينام فيه الأطفال في الليل فضلاً عن فرصتهم بالالتحاق بالتعليم النظامي يشكل صراعاً يومياً  بالنسبة للعديد من العائلات التي تعيش في ظل ظروفٍ بائسة في مخيمات اللجوء والملاجئ المؤقتة مدركين لحقيقة أن وضع أطفالهم المتمثل بكونهم طالبي لجوء أو حاملي الإقامة المؤقتة يعني غياب حقهم بالوصول للخدمات التعليمية.

يدعم برنامجنا في الأردن مئات الأطفال المتسربين من المدرسة أو غير الملتحقين بها على متابعة الدروس التي فاتتهم بغية حصولهم على التعليم النظامي, بينما يساعد المعلمون المؤهلون الأطفال على تحسين مستواهم في مواد اللغة الإنكليزية والعربية والرياضيات  وجميع المواد المعتمدة من المناهج التعليمية الأردنية لينجح الأطفال في الامتحان الذي تحدده الوزارة قبل انضمامهم للمدرسة.

كان التحاق ياسر بالدروس التعليمية تجربة غيرت مجرى حياته كليّاً, وبرغم مصادفته بعض الصعوبات في الدراسة نظراً لابتعاده عنها لمدة طويلة لكنه كان يتحلى بالشجاعة والإرادة والتعطش لنهل المعرفة. فبعد مضي تسعة شهورٍ فقط استطاع تعويض كل الدروس التي غاب عن حضورها في المدرسة وهو الآن يستعد بحماسٍ للانضمام للصف الثامن مع أقرانه من الأطفال. يخبرنا ياسر بتجربته قائلاً "أنا أحب المدرسة وأتعلم أنواعٍ مختلفة من العلوم لاسيما اللغة العربية فأصبحت أجيد قراءتها وكتابتها. أدركت الآن أنه بالعلم فقط أستطيع بناء مستقبل مشرق , كم أتمنى أن أصبح مهندساً معمارياً عندما أكبر".

إلا أنه من ناحيةٍ أخرى تتطلب العودة للمدرسة للعديد من الأطفال مثل ياسر الحصول المزيد من الدعم إضافةً للدعم التعليميٍ, فقد تعرض العديد من الأطفال اللاجئين للعنف الجسيم وآثار الصراع والدمار، فضلاً عن خسارتهم لكل ما يبعث الأمان والراحة وبعضهم الآخر سلبهم الموت أشخاصاً أحبوهم فعانوا ألم الفراق ومرارته. ولهذا قد تكون العودة إلى المدرسة تجربةً قاسيةً إذا لم يسبقها تقديم الدعم النفسي والعاطفي الملائم.

حين التحق ياسر ببرنامج قرى الأطفال في البداية بانت عليه انعكاسات الحرب والتهجير القسري بشكلٍ جلي منها خجله المفرط وانعزاله عن المجتمع ونأيه عن التحدث مع الآخرين. وتأثرت ثقته بنفسه على نحوٍ كبير بسبب الإصابات الجسدية التي تعرض لها والتي تسببت له بالعرج الدائم. بيد أنه عبر تقديم الاستشارة والدعم المناسب بدأ ياسر بالاستمتاع  بحياته مجدداً واكتشاف الجانب الإيجابي في ذاته. مكوناً صداقاتٍ جديدة, ناهيكم عن عدم اعتباره لإعاقته الجسدية حاجزاً بينه وبين خوض حياةٍ طبيعية والاستمتاع بطفولةٍ جميلة.

تعبر طبيبته النفسية آنا عن بهجتها العارمة  بتحول وضع ياسر للأفضل وتقول" أستطيع رؤيته عبر النافذة وهو يلعب كرة القدم مع الأطفال من الحي المجاور بمرحٍ وسرور ما يجعلني سعيدةً للغاية وقد أصبح أكثر استرخاء و ثقةً بنفسه.

أن الفرصة متاحة الآن بالنسبة لياسر لتحقيق طموحه و عيش حياةٍ من اختياره ولكن الملايين من الأطفال المحرومين من التعليم والمتضررين ما زالوا يعانون من آثار الحرب والكوارث الوخيمة  حول العالم و من تداعيات قد تدوم طوال حياتهم يقاسون على اثرها الفقر وانعدام الفرص.

من حق كل طفلٍ الحصول على التعليم بشكل متساو وعليه لن يكتمل عملنا حتى يتلقى جميع الأطفال حقوقهم.

تم تغيير اسم الطفل حمايةً للخصوصية