تمكين الأسر – تشرين الأول 16 2018

رزان وإياد يجتمعون مع والدتهم مجدداً.

انفصل رزان و إياد عن والدتهم بسبب الحرب حينما كانت غير قادرة نفسياً و مادياً من العناية بأولادها. فأقام الطفلين في قرية قدسيا قبل توحيدهم مع والدتهم ثانيةً.

فقدت رزان-ذات الثمانية أعوام-والدها عندما كانت في السادسة من عمرها، بعد اختفائه وعدم ورود أي أخبار عنه مما شكل خسارة شديدة سببت في معاناة الوالدة بالاكتئاب حيث لم تكن قادرة على رعاية طفلتها رزان وابنها البالغ من العمر سبعة أعوام.

أمكن الجدان تحمل نفقات ابنتهم فقط بسبب فقرهم المدقع ولذلك قاموا بإحضار رزان وأخيها إلى قرى الأطفال في قدسيا عام 2016 خلال مرحلةٍ عصيبة لسوء الحظ وسط تدهور الأوضاع الأمنية في محيط قرى الأطفال في دمشق.

كان أول يوم في القرية بالنسبة لرزان شديد الغرابة فقد كان هناك الكثير من الحركة ولم تستطع فهم ما يدور من حولها، أمسكت بيد أخيها الصغير وجلست على الأريكة في منزلهم الجديد في القرية وهي تنظر إلى الأطفال وهم يرتدون أحذيتهم بسرعة. بادرتهم في تلك اللحظة أمها الجديدة في قرى الأطفال بابتسامة على وجهها وهمست " تعالوا معي وأعدكم بأن أشرح لكم كل شيء في المساء". لم تفلت رزان يد أخيها وأمسكت بيدها الأخرى يد الأم الجديدة وانضموا لأشقائهم الجدد في قرى الأطفال. بينما مشوا بخطى سريعة لاحظت رزان الكثير من الأطفال مع أمهاتهم يقومون بالشيء ذاته بتوجههم مباشرة إلى الحافلات، حالما اتخذ الأطفال أماكنهم توقعت رزان بأن ينطلق سائق الحافلة بهم إلا أنه سرعان ما غادر الجميع الحافلة وعادوا أدراجهم إلى المنزل.  

توضح الأم في قرى الأطفال "ماجدة" لرزان وإياد :"لقد كنا نقوم هذه الظهيرة بتدريب على عملية الإخلاء، أريدكم أن تسترخوا لأن هذا إجراء اعتيادي عادة ما نتخذه ومن شأنه أن يساعدنا على التجهز لأي حادثٍ قد يطرأ في القرية أو في محيطها. أنتم الآن أطفالي الأحبّاء وسأبذل كل ما بوسعي لرعايتكم وحمايتكم".

بعد يومان وبينما كانت تتناول رزان وجبة الإفطار مع عائلتها الجديدة طلبت أمها من الجميع في قرى الأطفال أن يرتدوا أحذيتهم بسرعة وتوجهوا إلى الحافلات إلا أن هذه المرة غادرت الحافلات بالفعل بالتزامن مع اشتداد وتيرة النزاعات واقترابها من القرية, ما تطلب إخلاء الأطفال وأمهاتهم في قرى الأطفال  من القرية بعد سقوط القذائف بالقرب منها. انتقل الجميع بعد ذلك للإقامة في مكان أكثر أمناً لمدة شهر إلى أن استقرت الأوضاع الأمنية في قريتهم.

بالرغم من كل الصعاب التي واجهت رزان في أول شهرٍ من إقامتها في قرى الأطفال في قدسيا إلا أنها شعرت بالاطمئنان والحماية والرعاية من أمها ماجدة، متأكدةً أن أمها لن تتركها أبداً. كانت مصدراً للعطف ووجدت فيها الحضن الدافئ الذي يقوم بحمايتها ويمدها بالأمان والقوة. بيد أن الأصوات المستمرة للحرب التي تعرض لها الأطفال تطلبت تلقي رعايةً مركزة.  

مرَّ عامان على انضمام رزان مع شقيقها الصغير لقرى الأطفال في منطقة قدسيا تمتعوا من خلالها بالرعاية الأسرية البديلة والحب والحماية, فضلاً عن إنشائهم صداقات وطيدة مع إخوتهم في قرى الأطفال ضمن منزلٍ يتشاركون فيهم تجاربهم اليومية في الأوقات الحلوة والمرة.

وخلال هذان العامان أدركت والدة رزان البيولوجية أرجحية وفاة زوجها وعدم رؤيتها له مرةً أخرى، وكان مصير زوجها المجهول في بداية الأمر من الصعب تقبله, إلا أنها استطاعت بمرور الوقت تضميد جراحها ولاحظت عدم اتزانها النفسي الذي أدى إلى تفكك أسرتها.

زارت المقر الرئيسي لقرى الأطفال في دمشق معربةً عن رغبتها في تربية أطفالها وفسرت أن وضعها المادي الصعب حال دون استرجاعها لهم. فاقترح العاملون في قرى الأطفال إلحاقها ببرنامج تمكين الأسرة الذي يهدف إلى دعم الأسر والمجتمعات في بناء مقدراتهم بغية الرعاية السليمة للأطفال وتوحيد صف الأسر. 

يعيش رزان وإياد حاليّاً مع والدتهم في منزل صغيرٍ ولكن تسوده المحبة والاستقرار. فالأطفال يذهبون إلى المدرسة بينما انضمت الام لمعهد تدريبٍ مهني حيث تتعلم خياطة الملابس من أجل إجادة مهنةٍ وتأمل من خلالها أن تكتسب الاستقلال المادي في المستقبل القريب.

ترك غياب رزان وإياد فراغاً كبيراً في قلبي  وأنا أفتقدهم كثيراً, ولكن ما يعزيني هو أنني بذلت أفضل ما يمكنني لمنحهم السعادة والمحافظة على أمنهم إلى أن استرجعتهم والدتهم الحقيقية ثانيةً" تقول ماجدة أمهم في قرى الأطفال

ماجدة
أم بديلة في قرى الأطفال SOS

تتلقى رزان مع 750 طفل آخرين الدعم من خلال برنامج تمكين الأسرة الذي أطلقته قرى الأطفال في سوريا في عام 2004، ويهدف إلى تمكين الأسر حتى يكتسبوا الاستقلال والقوة الكافية من أجل رعاية وحماية أطفالهم.

تم تغيير أسماء الأطفال حمايةً لخصوصيتهم.