تعيش باسمة ذات الخامسة عشر ربيعاً في مركزٍ للرعاية المؤقتة في قرى الأطفال في ريف دمشق. ولكنها سوف تنتقل إلى منزل جديد لقرى الأطفال يقع في ريف دمشق كحال الأطفال الآخرين الذين يستعدون لمغادرة المركز عما قريب, حيث ستعيش مع فتيات أخريات فقدوا رعاية الوالدين خلال الأزمة السورية ولم يكن بالإمكان لم شملهم مع عائلاتهم البيولوجية أو الممتدة.
مرَّت باسمة بتجارب صعبةٍ للغاية منذ سنٍّ مبكرةٍ جدّاً حيث أن اندلاع الصراعات في الغوطة الشرقية حيث تعيش هي وعائلتها أدى إلى فرض حصارٍ على المنطقة مما حرمها هي وإخوتها الطعام والماء والمساعدات الطبية على مدى عامان فضلاً عن حرمانهم من التعليم في المدرسة لعامٍ واحد بسبب التفجيرات التي ألحقت الضرر بمعظم المدارس في الغوطة الشرقية إلى أن تحتم على والدة باسمة بعد مرور عامان من العيش بدون أمنٍ أو طعام التوصل إلى حلٍ من أجل ترك المنطقة المحاصرة مع أطفالها الستة واتخاذ القرار بالهرب عبر الأنفاق تحت الأرض.
الحياة في الغوطة الشرقية كانت في غاية الصعوبة حتى أننا اضطررنا في بعض الأيام إلى أكل العشب لتعبئة معدتنا الخاوية وازداد الأمر سوءاً حين انفصل والداي. والدي تركنا بعدها ونحن لا نعرف حتى الآن ما إذا كان على قيد الحياة أم لا
أحضرت والدة باسمة أطفالها بعد تمكنهم من الهرب في كانون الثاني عام 2016 إلى مركز الرعاية المؤقتة في قرى الأطفال وذهبت لتعيش هي عند أحد أقربائها.
عندما جاءت باسمة للمركز أول مرة لم تتحدث مع أحدٍ سوى إخوتها لعدة أيام وكانت في حاجةٍ ماسة للغذاء والدعم النفسي في وتطلب وضعها الحصول على الرعاية المركزة من مقدمة الرعاية والطبيب النفسي في المركز. طرأ تحسن ملموس بعد مرور ثلاث سنوات على وضع باسمة فعادت إلى الدراسة السنة الماضية وحازت على الشهادة الابتدائية إضافةً إلى تكوينها أيضاً الكثير من الصداقات الجديدة في المركز مع الأطفال الآخرين الذين تتشارك معهم شغفها للحياكة والأعمال اليدوية.
تقول سيرين مقدمة الرعاية لباسمة في مركز الرعاية المؤقتة لقرى الأطفال " باسمة تجيد الحياكة وحتى أنها تصنع ملابسها بنفسها، وتحلم بأن تصبح مصممة أزياء وأؤمن أنها لن تتخلى عن حلمها أبداً". قامت سيرين بمساعدة باسمة في التسجيل بدورات تعليم الحياكة والأعمال اليدوية وأصبح بإمكانها استخدام آلة الخياطة يومان فيالأسبوع بعد المدرسة.
لم تتوقف والدة باسمة عن زيارة أطفالها منذ إحضارها لهم إلى مركز الرعاية المؤقتة في قرى الأطفال إلا أنه لم يكن من الممكن أن يتم لم شملهم معاً بسبب صعوبة وضع والدتهم. لم يتوقف البحث عن الحل إلى أن عبَّرت باسمة عن رغبتها الشديدة في البقاء في المركز وتقول باسمة " إنني أحب والدتي كثيراً ولكنني أستمتع جداً بالسعادة والأمان هنا وقد وافقني إخوتي الرأي أيضاً عندما سألتهم عن رأيهم في الأمر".
وبهدف إعداد باسمة للعيش تحت الرعاية الأسرية الطويلة الأمد في منزل الشباب الجديد تعين عليها اجتياز المرحلة الانتقالية. ستساعدها هذه المرحلة على التأقلم مع حياتها ومنزلها ومدرستها الجديدة وبانتقالها إلى منزل الشباب الجديد ستبدأ باسمة الاستعداد لكي تكتسب استقلاليتها ةالتخطيط لخوض رحلتها الخاصة في الحياة.
تم تغيير اسم الطفلة للحفاظ على خصوصيتها.